لقاء قانوني بعنوان: واقع وآفاق التقاعد العام في فلسطين
أشار المحاضر إلى أن دراسة قوانين التقاعد الحالية وتحليلها من خلال حلقات النقاش هو الطريق الأمثل نحو صياغة قانون مستقبلي عام وموحد ينطبق على كافة الشرائح وخال من ثغرات الصياغة والتطبيق. وهو موضوع من المواضيع الحيوية يطرق في العديد من الميادين القانونية كمكتب الرئاسة، ومجلس الوزراء، والوزارات المختلقة.
استعرض المحاضر القوانين والأنظمة المطبقة على التقاعد وهي قوانين متباينة، والسبب يرجع إلى خصوصية الوضع القانوني المعروف في فلسطين وما تعاقب عليها من حقب تشريعية مختلفة، إذ أن حصيلة قوانين التقاعد المطبقة في الضفة الغربية وقطاع غزة هي ثمانية قوانين ما بين قوانين أردنية ومصرية وتشريعات تم وضعها في عهد السلطة الوطنية، وعليه كانت الحاجة الماسة إلى الإصلاح القانوني في هذا المجال وذلك لضمان حقوق شريحة لا يستهان بها من الناس.
وفي هذا السياق أشار المحاضر إلى أن محاولات وضع أساس تقاعدي موحد يشمل كافة موظفي القطاع العام في شقي الوطن بدأت منذ العام 1998، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل وذلك بسبب رفع نسبة الاشتراكات أو الاقتطاعات التقاعدية من 8 بلمئة إلى 10بلمئة من رواتب الموظفين، مما أثار اعتراضات كثيرة عليه.
وعليه ظل قانون التقاعد المدني الأردني رقم (34) لسنة 1959 مطبقاً، والمشكلة في هذا القانون تكمن في أن الاقتطاعات بموجب هذا القانون تدخل في ميزانية الدولة مباشرة ولا تحول إلى صندوق تقاعدي منفصل، وعليه وحسب دراسات اكتوارية قام بها العديد من الخبراء في هذا المجال فقد تطفو على السطح مشكلة العجز المالي للنظام بعد 15 سنة.
لمعالجة الكثير من الإشكاليات والتحديات وغيرها صدر قانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005، الذي هدف وبشكل أساسي إلى ضمان حياة كريمة لكل المتقاعدين، وإنشاء صندوق للتقاعد، بالإضافة إلى أنه يشمل بأحكامه موظفي منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي هذا السياق أشار المحاضر إلى المزايا التي تضمنها القانون الجديد مقارنا إياه بالأنظمة والقوانين السارية قديما، كما استعرض الصعوبات التي تواجه تطبيق القانون الجديد، ومنها عدم وجود ميزانية كافية لدفع كافة مستحقات المتقاعدين من منظمة التحرير الفلسطينية، كما أن هذا القانون أخذ بعين الاعتبار الفئة العمرية للموظفين دون النظر الفئة الوظيفية.
ومن جهة أخرى أشار المحاضر إلى أن هذا القانون وبالرغم من الصعوبات التي تعترض تطبيقه إلا أنه يعد نقلة نوعية في مجال تشريعات التقاعد في فلسطين، إذ يخضع له كل موظف عام عمره يقل عن 45 سنة في 28/5/2005 وعليه فإن كل المتقاعدين بعد 15 سنة سوف يخضعون لقانون التقاعد العام الفلسطيني، الأمر الذي يؤدي إلى تطبيق قانون تقاعد عام موحد على كافة الموظفين العموميين، مما يؤدي إلى اجتناب التباين الناتج عن وجود صنفين من الموظفين المتقاعدين، صنف يخضع لقانون التقاعد العام الفلسطيني، وصنف يخضع لقانون التقاعد المدني الأردني وما يتبع ذلك من اختلاف في الحقوق والامتيازات بين هاتين الفئتين.
وفي هذا اللقاء أشار المحاضر إلى الدراسات التي قامت بها الجهات المختصة لجسر الهوة بين تقاعد العسكريين والموظفين المدنيين وتحقيق نوع من العدالة في هذا الصدد.
كما تطرق المحاضر إلى مسألة ذات صلة كبيرة بموضوع تشريعات التقاعد، ألا وهي التعديلات والإضافات التي جاء بها القرار بقانون، الذي جاء بأحكام جديدة ليسد النقص في قانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005 ولا سيما في المسائل المتعلقة بالإعارات، الإجازات الدراسية، التأمين للعجز الطبيعي. كما جسد القرار بقانون رغبة المشرع في إيجاد نوع من التوازن بين تقاعدات المدنيين والعسكريين، وخلق نظام تقاعدي موحد. وأشار المحاضر إلى أن القرار بقانون شمل العاملين في المؤسسات الخاصة والأهلية بنظام التقاعد العام، علماً بأن هذه المسألة ليست بالسهلة وتتطلب تعديل بعض المواد في قانون التقاعد العام، كما تحتاج إلى إعداد دراسات خاصة نظراً لان طبيعة العمل في المؤسسات الخاصة والأهلية تختلف عن طبيعة العمل في المؤسسات العامة.
وفي معرض الحديث عن القرار بقانون تطرق المحاضر إلى المادة القانونية التي تجيز لمجلس الوزراء إحالة الموظف الذي أتم 15 سنة في الخدمة للتقاعد المبكر، والتي أحدثت الكثير من التخوف في أوساط الموظفين، مشيراً إلى أن القرار الإداري يجب أن يكون متمتعاً بالأهلية، والمشروعية، ومحققاً للمصلحة العامة، لذلك فالقضاء بالمرصاد لكل حالة مخالفة للقانون.