القانون والسياسة
عمل معهد الحقوق بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية خلال الاعوام 2012 – 2014 على مشروع القانون والسياسة، ضمن الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين، بهدف مراجعة التغييرات القانونية والسياسية على صعيد المنظومة القانونية الفلسطينية، من خلال مراجعة المؤشرات المتعلقة بالعمل التشريعي والحقوق والحريات العامة والحقوق السياسية، وأُثر الانقسام السياسي الفلسطيني عليها خلال الفترة الواقعة بين 2007 – 2014، حيث خرج هذا المشروع بثلاث منشورات بواقع منشور في كل سنة، وقد ركزت هذه الدراسات على تحليل الواقع القانوني والعملي للعمل التشريعي خلال فترة الانقسام وواقع الحقوق والحريات العامة، والحقوق السياسية وتأثيرات الانقسام السياسي عليها والمراكز القانونية والتطورات المؤسساتية خلال هذه الفترة، وانعكاساتها بعد انتهاء ملف المصالحة الفلسطينية.
فقد مرّت العملية التشريعية في الأراضي الفلسطينية بالعديد من المراحل منذ قدوم السلطة الفلسطينية إلى أيامنا هذه، وقد طبعت كل مرحلة منها العملية التشريعية بطابع وآثار مميزة، وكان آخرها الفترة الواقعة بين الأعوام 2007 – 2012، وما ترتب عليها من ازدواجية في عمل المؤسسة التشريعية، وفي عمل السلطات العامة على الأرض، من حيث وجود حكومتين تعملان بالتزامن؛ واحدة في الضفة الغربية، وأخرى في قطاع غزة. وأحدثت هذه الازدواجية آثاراً قانونية وسياسية عديدة، كان أبرزها إحداث العديد من التغييرات على العملية التشريعية ومكوناتها الأساسية، وإصدار العديد من التشريعات. وقد استندت كلتا الحكومتين إلى آليات وأدوات تشريعية استثنائية لم تشهدها العملية التشريعية في الوضع الطبيعي، وكان يتم الاستناد بها إلى القانون الأساسي الفلسطيني المعدل للعام 2003، ما أدى إلى ترتيب آثار ومراكز قانونية مختلفة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وللوقوف على هذه الإشكاليات، أصدر معهد الحقوق كتاب الحالة التشريعية في فلسطين 2007-2012 "الآليات، الآثار، الحلول"، الذي يشكل دراسة نوعية لمحاولة تشخيص واقتراح الحلول المناسبة المترتبة على الحالة التشريعية في الأراضي الفلسطينية؛ بهدف معالجة الإشكاليات القانونية الناجمة عن الحالة السياسية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية؛ لتشكل مرجعاً مهمّاً وخصباً لكل باحث في هذا المجال، وفقاً للواقع القانوني والعملي.
كما تُعَدّ حماية حقوق الإنسان واحدة من أهم الضمانات التي كفلتها الشرعة الدولية بكل مكوناتها، وكذلك فعلت الدول، إذ نصّت في دساتيرها الداخلية على مجموعة من المبادئ المتصلة بالحقوق والحريات العامة، التي تشكل ضمانة مهمّة، وبوصلة الطريق التي يجب على القوانين الوطنية أن تهتدي بها، ولم يحِد المشرّع الفلسطيني عما جاءت به الشرعة الدولية؛ فقد أفرد بابًا خاصًّا بالحقوق والحريات في القانون الأساسي الفلسطيني المعدّل لسنة 2003.
من أجل ذلك، فقد انبرى معهد الحقوق لدراسة واقع الحقوق والحريات العامة في فلسطين بين "التنظيم والتقييد والرقابة"، من خلال وحدة المساندة التشريعية، ضمن مشروعها البحثي المندرج تحت عنوان (القانون والسياسة). والهدف من ذلك تسليط الضوء على واقع الحقوق والحريات العامة في المنظومة القانونية الفلسطينية، وعلى تأثير حالة الانقسام السياسي عليها، من خلال الدمج بين الواقع القانوني والعملي في عدد من الموضوعات ذات العلاقة بممارسة تلك الحقوق.
وكذلك فقد اعترى المنظومة القانونية والسياسية الفلسطينية عدد من المتغيرات، أثرت وستؤثر في منظومة الحقوق والحريات العامة، ولعل أبرزها الانقسام السياسي الذي عطل معظم الحقوق، ولاسيّما السياسية منها، وما تبعه من انقسام في المؤسسة الرسمية في كلٍّ من الضفة الغربية وقطاع غزة. لقد امتدّ هذا التأثير ليطال منظومة الحقوق حتى بعد اكتمال ملف المصالحة الفلسطينية، وعودة وحدانية المؤسسات الرسمية، وما تبعه من عبث بمبدأ سيادة القانون؛ وهو ما أدى إلى تراجع في منظومة الحقوق والحريات العامة، وتدنّي مستوى المشاركة الشعبية، وانحسارها بين المد والجزر بما يتلاءم وإرادة السلطة التنفيذية وممارساتها على أرض الواقع.
لذلك؛ فقد عكف معهد الحقوق على دراسة الحقوق السياسية في فلسطين: بين سندان التشريع ومطرقة الانقسام وآفاق المصالحة، بهدف بيان واقع هذه الحقوق في المنظومة القانونية الفلسطينية ولاسيّما السياسية منها، في ظل تنامي المتغيرات القانونية والسياسية على الصعيد الفلسطيني، وإلقاء الضوء على بعض المساحات المعتمة التي تخللها الانقسام السياسي على منظومة هذه الحقوق، واستعراض الآثار والمراكز القانونية والإدارية المترتبة على إنهاء حالة الانقسام السياسي، ومعالجاتها الممكنة بعد اكتمال ملف المصالحة الفلسطينية، واستشراف التوجهات القانونية المستقبلية، وأثر هذه المتغيرات على طبيعة النظام القانوني والسياسي في فلسطين مستقبلًا، من خلال الدمج بين الواقع القانوني والعملي في عدد من الموضوعات ذات العلاقة بممارسة تلك الحقوق.