مواجهة خيار حل الدولتين: هل حان الوقت لبديل الدولة الديموقراطية؟
تحدثت د. فرجينيا تيللي، عن التضليل أو التزييف والتلاعب بنظام السيادة في المفهوم الدولي، ولماذا يواجه الشعب الفلسطيني حل الدولة الواحدة، بعيدا عن القرارات الخارجية.
أوضحت المتحدثة أن النظام الدولي الحديث تأسس على مبدأ السيادة، وهو قدرة الدولة على أن تكون ضابطة للأمور التي تقع تحت ولايتها، والعالم ينقسم إلى دول كل دولة لها حدودها وكل حدود لها اسم معين، والمجتمع الدولي يقر مثلا أن غواتيمالا هي دولة على الرغم أن جزء من أراضيها لا يخضع لسيادتها، وهذا هو التمييز بين السيادة القانونية وهو الاعتراف الدولي بهذه السيادة وبين السيادة الفعلية.
الأمر الثاني من حيث السيادة، أن انتزاع سيادة طرف ما ليست عملية واضحة، ففي حالة الغزو أو الحرب وهي حالة مأساوية لفقدان السيادة، قد تفقد الشعوب سيادتها، ففي أمريكا الشمالية واستراليا وجنوب إفريقيا انتزعت سيادة الشعوب وقامت الجهات المحتلة بعمل ( باتوستانت) أو ما يسمى (المعازل) للسكان الأصليين، إلا أن الوضع الاستيطاني الاستعماري في جنوب إفريقيا كان مختلفا نسبيا.
وعندما تطرح فكرة نقصان أو انتزاع السيادة فإننا نطرح أمثلة لمستوطنون يواجهون سكانا أصليون، لهذا خلقت دولة في جنوب إفريقيا، أو دويلات لسكان المحميات في أمريكا الشمالية، لكن دون انتهاء المقاومة والنضال ضد الغزو والاحتلال. إلا أن المقاومة تغير مسارها في النهاية، وأتى التحول في الستينيات والسبعينيات، وجنوب إفريقيا في 1994، ويجب أن يلاحظ أن السكان السود لم يقبلوا بتاتا ب ( المعازل أو المحميات) التي كانت تحرمهم من السيادة على أراضيهم.
بينت المتحدثة أن الحركات القومية رفضت بشكل كامل التمييز العرقي الذي كانت تمارسه الأنظمة الحاكمة، وأكدت أن المجتمع الأصلي هو الهوية الحقيقية للقومية. كل هذه التحولات تحدثت في سياق التحول العالمي لمفهوم السيادة والدولة القومية، حتى الحرب العالمية الثانية كان يعمل على أساس أن القوميات كيانات عرقية وهذا تطور إلى صورة عنصرية، وبالتالي عنصر بشري ثم قومية عرقية ثم دولة، وهذا ما كان يبرر التخلص من الباقي من البشر بسبب لونهم أو دينهم أو عرقهم مثل النظام النازي الذي تخلص من اليهود والغجر وغيرهم... ثم التحول من القومية الاثنية إلى القومية المدنية وبدأت الصراعات وكانت حركات الحقوق المدنية وهكذا..
اليوم مازال التوتر قائما، والمخاوف من هجرة السود والعرب إلى أوروبا يشكل تهديدا لمفهوم القومية الاثنية، والاستثناء الوحيد في كل ذلك ما يزال هو إسرائيل.
لغاية الآن إسرائيل هي الدولة الوحيدة المستثناة والموافق عليها كدولة يهودية، وقد استخدمت إسرائيل مبادئ السيادة بأثر رجعي فرفضت السيادة القانونية حتي تتمكن من السيادة الفعلية، واستخدمت الضم الرسمي لإحداث السيادة الفعلية وانتزعت سيادة السكان الأصليين وقايضتها بشهادة حسن السلوك، وقبلت بسيادة مدنية للشعب الفلسطيني وهو ما يسمى " الحكم الذاتي" مقابل تصرفه اللائق الذي تقبل به.
ماتهدف إليه إسرائيل هو نظام ( الباتوستانت، أو المعازل الجنوب لإفريقي) ، وفي عام 1992 قبل الشعب الفلسطيني بحل الدولتين وهذا تحدى كبير رغم عدم وجود تواصل جغرافي، والطريقة الوحيدة للخروج من هذا الوضع هو حل الدولة الواحدة.
وأنهت د. فرجينيا مداخلتها بطرح تساؤلات، ما هي الصهيونية وما هي مهمتها، وماهي مهمة القومية الفلسطينية ؟؟؟
المتحدث عمر البرغوثي تناول البعد الأخلاقي في حل الدولة الواحدة، مؤيدا هذا الحل، واستهل حديثه بنتائج استطلاعين للرأي يؤكد أن حوالي ثلثي الفلسطينيين يؤيدون حل الدولة الواحدة، إلا أن هناك مشكلة في تعريف الفلسطيني والشعب الفلسطيني.
وعرض وجهات النظر المؤيدة والمعارضة لهذه الفكرة، فإذا كان حل الدولة الواحدة ضد فكرة السلام، فهذا يقتض من الوقوف على مفهوم السلام الذي وضعت الدول المنتصرة أسسا له بعد الحرب العالمية الثانية وهما شرطين، احترام الحدود، والهدوء والاستقرار في كل دولة، ويختلف هذا المفهوم من وجهة نظر المنتصر أو المهزوم، ويجب أن لا نقبل مفهوم المنتصر لكونه مفهوم مفروض بالقوة.
كما أن الكثير منا ينكر وجود السلام القائم على العدل في القانون الدولي إلا أنه موجود في ميثاق الأمم المتحدة وهذا السلام يشترط احترام حقوق الإنسان، وتحقيق العدالة وتنفيذ الالتزامات المتوجبة .
وتساءل المتحدث كيف يمكن الوصول إلى سلام قائم على العدل، والمقصود هنا العدالة النسبية وليست المطلقة بالطبع، وكيف نفكر بحل سلام عادل وأخلاقي لمنع تجدد الصراع ودوامة الحرب والعنف.
يرى المحاضر أن العدالة النسبية تتطلب أمرين الأول، مراعاة عدم إيقاع الظلم بشكل غير ضروري على مجتمع المستوطنين، والثاني القضاء على كافة أشكال الاضطهاد.
فهل يستطيع حل الدولتين الوصول إلى العدالة؟؟ بالطبع لا، لأنه سيجري تقسيم للأرض والتاريخ، ولن تحل مشكلة اللاجئين وسوف يتأبد الاضطهاد العنصري داخل إسرائيل، وسكون هناك دولة فقيرة جدا ومنزوعة الموارد هي الدولة الفلسطينية.
وباعتقاد المحاضر رفض إسرائيل لحل الدولتين سببه نظرة إسرائيل للفلسطينيين أنهم بشر نسبيين، مرجحا حل الدولة الواحدة ولكن ليس ما نسمع عنه الدولة الثنائية القومية، بل الحل هو الدولة الديمقراطية العلمانية وسوف نصل إلى الحل الأفضل إذا روعيت الحقوق الناشئة للشعب اليهودي وروعيت الحقوق الغير قابلة للتصرف للفلسطينيين، وبدون عودة للاجئين لن يكون هناك أي حل دائم للفلسطينيين.