الجوانب التقنية والقانونية للقرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية
بيرزيت، الأربعاء 18 تشرين الأول 2017، نظم معهد الحقوق في جامعة بير زيت، بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية، لقاءً قانونياً بعنوان: "القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية من المنظورين القانوني والتقني"،
وهدف اللقاء إلى استعراض أهم الجوانب القانونية والتقنية التي تناولها القرار بقانون، ومناقشتها. حيث حضر اللقاء حشد من المؤسسات الرسمية ومنظمات المجمتمع المدني وطلبة وأساتذة الجامعة وغيرهم من المهتمين.
افتتح اللقاء الأستاذ معين البرغوثي، مدير معهد الحقوق، ورحب بالحضور، وأكد على أهمية اللقاء، لا سيما أن القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية صدر حديثاً وتناول أحد الجرائم المستحدثة وهو من الموضوعات الهامة التي يدور النقاش حولها في الوقت الحالي بشكل واسع من قبل مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية ودعا إلى إعادة تشكيل لجنة مشتركة تضم فريق متخصص متنوع من القطاع الحكومي والقطاع الأهلي لاستكمال جهود تطوير هذا القرار ليلبي حاجات المجتمع المدني بتوازن ومسؤولية تعكس محاكاة الواقع وتغلّب حماية الحقوق والحريات.
وفي كلمته الافتتاحية تقدم الدكتور مارك فرنجز المدير المقيم لمؤسسة كونراد أديناور كلمة افتتاحية، إلى جامعة بيرزيت بالتهنئة لحصولها على المرتبة الأولى فلسطينياً والثامنة والثلاثون من بين مائة جامعة عربية وفقاً لتطبيق QS للجامعات للعام 2018. وأشار أن اللقاء اليوم يركز على القرار بقانون بشأن الجرائم الالكترونية الذي أصدره الرئيس في العام 2017 الذي أثار حساسية ونقاش في الواقع الفلسطيني. وتناول عدة جوانب في هذا السياق، وهي صدوره ضمن مجموعة كبيرة من القرارات بقوانين في ظل تعطل المجلس التشريعي وأنه لم يخضع لنقاش عام من متخصصين ومؤسسات مجتمعية قبل إصداره وأن صدوره بهذه الطريقة وما أثاره من جدل لاحقاً يعكس فجوة بين صانع القرار والمجتمع الفلسطيني. وشكر في نهاية كلمته معهد الحقوق على برامجه المختلفة المهمة، كما وجه الشكر للمتحدثين في هذا اللقاء.
وفي بداية اللقاء تناول الأستاذ أحمد حمو، مدير وحدة تكنولوجيا المعلومات في معهد الحقوق، القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية من المنظور التقني، وأكد على أن مصطلح الحاسوب لم يعد يقتصر على المعنى التقليدي له، وإنما يشمل وسائل أخرى، كالأجهزة المحمولة، والطابعات، وأدوات الإتصال. وأشار إلى أن هذه الوسائل قد تكون هي محل للجريمة الإلكترونية، أو أداة لإرتكاب هذه الجريمة. واستعرض في مداخلته بعض الملاحظات على المصطلحات المستخدمة في القرار بقانون، كمصطلح السجل الإلكتروني والمستند الإلكتروني، البيانات الإلكترونية والمعلومات الإلكترونية، إلى غير ذلك. وأكد في ختام حديثه على أهمية تدريب كوادر متخصصة في مجال الجرائم الإلكترونية، وأهمية تطوير معمل جنائي رقمي، بالإضافة إلى نشر الوعي بين الناس بالجرائم الإلكترونية.
في حين تناول الدكتور مصطفى عبد الباقي، رئيس دائرة القانون في كلية الحقوق والإدارة العامة القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية من منظور قانوني. وأشار إلى أنه قبل صدور القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية، كانت الجهات ذات العلاقة تستعين بقانون العقوبات لتجريم بعض الأفعال، أو تحاول في أحيان أخرى تكييف بعض النصوص الواردة في قانون العقوبات، والإستعانة بها لتجريم بعض الأفعال، إلا أنه ومع ذلك، كانت هناك بعض الأفعال التي لا يمكن تجريمها بهذه الآليات، وهنا جاء القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية ليغطي هذه الأفعال ويجرمها. ويرى الدكتور عبد الباقي أنه على الرغم من أهمية هذا القرار بقانون، إلا أنه يشوبه العديد من العيوب، التي يجب إعادة النظر فيها وتعديلها، ولعل أهم هذه العيوب، عدم دستورية بعض نصوص هذا القرار بقانون، ومخالفتها للمبادئ الأساسية في القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003. كذلك عدم انسجام بعض نصوص هذا القرار بقانون مع بعضها البعض، وعدم انسجامها وتوافقها مع القوانين ذات العلاقة، كقانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، وقانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001. ومن ناحية أخرى أوضح عبد الباقي أن هذا القرار بقانون منتقد أيضاً من الناحية الموضوعية، فالقارئ له يلاحظ أن نصوصه لم تشتمل على تجريم فعل نشر الفيروسات، أو سرقة كلمة المرور، بالإضافة إلى تجريمه في بعض النصوص لأفعال تحضيرية، كالمواد 18- 19، منه. هذا فضلاً عن استخدامه في بعض الأحيان لمصطلحات فضفاضة وعامة، وهذا الأمر يتناقض مع المبادئ الأساسية في القانون الجنائي، فأي نص جزائي يفترض أن يكون محدداً تحديداً نافياً للجهالة أيضاً فإن الضمانات التي أعطيت للمتهم بموجب هذا القرار بقانون أقل من تلك الضمانات التي تمنح للمتهم بموجب قانون الإجراءات الجزائية. وأكد في ختام حديثه على ضرورة إعادة النظر في هذا القرار بقانون بما يتواءم والقواعد الأساسية المطبقة في القانون الجنائي، وبما يتفق مع المبادئ الأساسية المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني.
وفي الختام، تم فتح باب النقاش حول بعض النقاط الأساسية التي تناولها اللقاء، حيث رأى البعض أن هذا القرار بقانون بنصوصه الحالية جعل من الكافة مرتكب لجريمة إلكترونية، ورأى البعض الآخر أن هذا القرار بقانون وجد لمصادرة حقوق الصحفيين، وأنه يعتبر مدخل للسلطة التنفيذية لتقييد الحريات ومصادرتها، وخير دليل على ذلك، الاعتقالات للصحفيين التي تبعت اصدار هذا القرار بقانون، واغلاق بعض المواقع الإلكترونية. ودعا المشاركين إلى أهمية مراجعة القرار بقانون وتطويره بما يتناسب مع الواقع الفلسطيني والمعايير الدولية والدستورية، كما تمت الدعوة إلى تفعيل النقاش المشترك بين المؤسسات الرسمية والأهلية لضمان تحقيق ذلك من خلال لجنة مشتركة.