قـرار إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية - الآثار القانونية والاجتماعية
حيث ناقش هذا اللقاء خلفيات إصدار هذا القرار ومبرراته وضروراته، والآثار القانونية والاجتماعية التي ستترتب عليه في المنظومة الفلسطينية.
افتتح اللقاء الباحث في معهد الحقوق الأستاذ محمود علاونة، مؤكداً على أهمية موضوع اللقاء ضمن سلسلة اللقاءات القانونية التي يعقدها معهد الحقوق في ظل ما هو جديد في المنظومة القانونية الفلسطينية، خصوصاً بأن هذا الموضوع قد أخذ حيزاً كبيراً في النقاش على المستوى الثقافي والإعلامي والاجتماعي.
استهل اللقاء الأستاذ أحمد ذبالح، المستشار القانوني في وزارة الداخلية، مشيرا إلى أهمية الموضوع وضرورة توضيح حيثياته، حيث أن قرار إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية رقم 21/2014 صدر عن وزير الداخلية بتاريخ 9/2/2013 ويسري من تاريخ إصداره، وأشار إلى أن هذا القرار هو قرار إداري تنظيمي بحت، شأنه شأن أي تشريع له مصدر مادي، وهو المطالبات والشكاوى التي قدمت من عدد من المواطنين وشكاوى من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، المطالبة بإلغاء خانة الديانة، بالإضافة إلى دعوى دستورية قدمت من جمعية خيرية في بيت لحم، مطالبة بإلغاء خانة الديانة، ونوه ذبالح إلى أن هذا الموضوع ليس بالموضوع الجديد بالنسبة لوزارة الداخلية حيث سبقه العديد من المطالبات من مدافعي عن حقوق الانسان.
وأشار ذبالح إلى أن هذا القرار هو قرار إداري وليس مرسوم رئاسي، فهو قرار صادر عن وزير الداخلية بصفته صاحب اختصاص استناداً لقانون الأحوال المدنية رقم 2 لسنة 1999، وصدر هذا القرار لتنظيم أعمال داخلية في الوزارة، وبالتالي هذا القرار لا يمس المواطنين ولا مراكزهم أو حقوقهم القانونية، وطرح ذبالح مبررات المطالب والشكاوى التي قدمت لهم، والتي تجمل بأن الإبقاء على خانة الديانة في بطاقة الهوية الشخصية هو خرقا لمبدأ المساواة في الحقوق والحريات المنصوص عليه في القانون الأساسي، بالإضافة إلى تعزيزه للتمييز العنصري ويمثل خرقاً لعدة اتفاقيات ومعايير دولية. كما وتطرق ذبالح إلى الخلفية التاريخية لوضع خانة الديانة في بطاقة الهوية الشخصية أواخر العهد العثماني وصولاً إلى الاحتلال الاسرائيلي ونشوء السلطة الفلسطينية.
ثم تحدث الأستاذ محمد خضر، الباحث الأكاديمي في معهد الحقوق، عن طبيعة القرار وتقييمه وآثاره الاجتماعية والقانونية، فنوه الأستاذ خضر إلى أن آلية صدور هذا القرار لم تكن واضحة المعالم للمواطن الفلسطيني، فلم يكن واضح إن كان هو قرار أم مرسوم أم تعليمات، وطرح أستاذ خضر مقاربة لمدى توافق هذا القرار مع المعايير والممارسات الدولية، فأشار إلى أن هذا القرار يتوافق مع فلسفة الحقوق والحريات بشكل عام، كما ونوه إلى أن هذا القرار لا يخالف مبدأ سيادة القانون ولا مبدأ الفصل بين السلطات ولا مبدأ حرية الاعتقاد، ولكن بالمقابل وضح الأستاذ خضر تداعيات إصدار هذا القرار فيما يتقاطعه مع قوانين تكون الديانة متطلباً فيها، مثل قوانين الأحوال الشخصية واختصاص المحاكم الدينية فيها، وقانون الأحوال المدنية الذي يتطلب الديانة للتبليغ عن الولادة ولإصدار شهادة الوفاة وللسجل المدني.
وأشار الأستاذ خضر إلى أن هذا القرار سيثير إشكالية إثبات المواطن لديانته، فهل ستكون من خلال تصريح شخصي أم من خلال شهادة الميلاد؟ وهل سنضطر لإثبات ديانة الوالدين أيضا في هذه الحالة؟ مبيناً أن شهادة الميلاد هي غير كافية لإثبات الديانة، خاصة مع الإجراءات البيرواقرطية التي تفرضها العديد من المؤسسات والوزارات.
ثم تحدث د.عصام عابدين، المستشار القانوني في مؤسسة الحق، مشيراً إلى حالة الاغتراب والقطيعة التي ولدت بين واضعي القرار والمخاطبين بالقرار، موضحاً أن غياب المشاركة والشفافية في اتخاذ القرارات يولد حالة من الاغتراب بين متخذين القرار والشعب الملزم بتطبيق هذا القرار، وناقش د. عابدين أسانيد المؤيدين والمعارضين لهذا القرار، مشيراً إلى أن التمييز على أساس الدين يكون بالإقصاء والاستبعاد أو التهميش من خلال سياسات وإجراءات، وليس من خلال خانة الديانة في بطاقة الهوية الشخصية، بالإضافة إلى أنه يخالف الرأي بأن إبقاء خانة الديانة في الهوية هو تعزيز للتمييز العنصري، مشيراً إلى أن التمييز العنصري هو سياسة عامة يعطّل الحقوق كاملة، وهو جريمة ضد الإنسانية لا يمكننا إسقاطه على هذه الحالة، وختم د.عابدين مداخلته بضرورة التركيز على نقاشات تخص مفهوم المواطنة وآليات حمايتها، خصوصاً في ظل النظام السياسي المترنح الذي نعيشه.
واختتم اللقاء بمجموعة من المناقشات والمداخلات، تمحورت حول المصلحة المجتمعية والسياساتية من وراء إصدار هذا القرار، وأهمية توقيت اصدار هذا القرار، وهل هو مقدمة لإقرار الزواج المدني في فلسطين.