النوع الاجتماعي مدخل إلى التنمية والعدالة في فلسطين
بيرزيت، الإثنين 19 تشرين الثاني 2012، نظم معهد الحقوق في جامعة بيرزيت مؤتمرا وطنيا حول "النوع الاجتماعي مدخل إلى التنمية والعدالة في فلسطين"
وذلك بحضور كل من: رئيس جامعة بيرزيت بالوكالة د. عدنان يحيى، ووزيرة شؤون المرأة ربيحة ذياب، ووزير الحكم المحلي د. خالد القواسمي، ومدير معهد الحقوق الأستاذ جميل سالم، وممثل عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي/ برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني UNDP السيد سفيان مشعشع.
وفي كلمته حيّا د. عدنان يحيى صمود أهلنا في قطاع غزة في وجه العدوان الإسرائيلي الظالم، وذمّن عاليا ما تبذله المقاومة الفلسطينية من جهود التصدي لهذا العدوان، كما أعرب عن فخره بما تقدمه جامعة بيرزيت وخاصة نشاطات وبرامج معهد الحقوق التي تخدم المجتمع الفلسطيني وخصوصا في تدريب الكوادر وصياغة التشريعات المختلفة وتقديم الاستشارات اللازمة والخدمات البحثية لدوائر الجامعة والمؤسسات المختلفة. وأضاف: "إن تنظيم هذا المؤتمر الوطني يأتي في سياق دور معهد الحقوق بجامعة بيرزيت وبرامجه الهادفة لتعزيز مبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون والمساواة في المجتمع الفلسطيني وتعزيز التنمية القانونية وبنى مؤسسات دولة فلسطين المستقلة مستقبلا، إذ ترتبط تلك المبادئ بوثوق مع مفهوم النوع الاجتماعي الذي أصبح مفهوما حيويا لتعميق قيم أساسية أبرزها عدم التمييز على أساس الجنس ونبذ كل أشكال العنف التي تقوم على أساس النوع الاجتماعي ووجوب إعطاء فرص متساوية للمواطنين للمساهمة في التنمية، وأهمية سيادة العدل والإنصاف.
من جهتها تحدثت الوزيرة ربيحة ذياب عن أهمية المؤتمر الذي يأتي تكليلا لجهود ثلاث سنوات من العطاء والتنسيق المباشر بين جميع مؤسسات السلطة ذات العلاقة بركن العدل والحكم المحلي والمرأة ونقابة المحامين والمؤسسات الأكاديمية وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي ، وأكدت ان هذا الجهد ينسجم مع محور الوزارة والمتعلق بتطوير الالتزام الحكومي بتعزيز وتطوير ادماج النوع الاجتماعي في الوزارات والمؤسسات العامة. وأشارت ذياب إلى إنجازات الوزارة من خلال المشاركة في الاستراتيجيات العامة للحكومة والوزارات، والقوانين والتشريعات، والموازنة الحساسة للنوع الاجتماعي، وإنشاء وحدات للنوع الاجتماعي في مختلف وزارات السلطة الوطنية، والإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، إضافة إلى تقلد المرأة مناصب غير تقليدية مثل المحافظ ووزيرات، وأمين فصيل فلسطيني، وعضو لجنة تنفيذية، ورئيس الجهاز المركزي للإحصاء وغيرها. كما شكرت جهود معهد الحقوق ضمن هذا البرنامج وخصوصا ما قام به من تدريب لقطاعي الحكم المحلي والعدل والقضاة والمحامين وطلبة الجامعات.
فيما أكد الدكتور خالد القواسمي على أن هذا المؤتمر يأتي انسجاما مع التوجه العام للسلطة الوطنية الفلسطينية عامة ولوزارة الحكم المحلي خاصة، بدعم مفهوم النوع الاجتماعي والقضايا المتعلقة به في سائر المجالات، كما وأضاف " لقد عملت وزارة الحكم المحلي على تضمين احتياجات النوع الاجتماعي في الخطة الاستراتيجية للوزارة والخطة عبر القطاعية لقطاع الحكم المحلي وقد انعكس هذا الامر على المبادرات والمشاريع والانشطة التي قامت بها الوزارة".
ووجه الاستاذ سفيان مشعشع الممثل الخاص لبرنامج الأمم المتحدة/ برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني شكره لمعهد الحقوق في الجامعة لمساهمته الكبيرة في انجاح المشروع، مؤكداً أن الهدف الرئيسي للمشروع هو تعزيز قدرات النساء الفلسطينيات، لا سيما في مجال ادماج النوع الاجتماعي في قطاعي العدالة والحكم المحلي، والذي سيساهم في تمكين المرأة، وتحقيق التنمية المستدامة في فلسطين.
كما تحدث الأستاذ جميل سالم مدير معهد الحقوق عن دور المعهد على المستويين الاكادي
مي والمجتمعي من خلال ما يطوره من برامج ورؤى تخدم توجهات التنمية وبناء المؤسسات القانونية والقضائية في فلسطين ومن اهم تلك البرامج بناء قدرات الكوادر وتوجيه السياسات ومراجعة التشريعات بما يعزز ذلك. وأوضح اهتمام المعهد بربط القانون بقضايا ومفاهيم حديثة كمفهوم النوع الاجتماعي وهو ما سيركز عليه هذا المؤتمر الذي ستطرح من خلاله عدة محاور للنقاش بغرض الخروج بنتائج وتوصيات تخدم المشرعين وصناع القرار لأخذها بالاعتبار مستقبلا في إطار تعزيز مبدأ المساواة واحترام حقوق الانسان وتوجهات التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية. واوضح أن تلك التوصيات ستسهم في توجيه نظر المؤسسات المحلية عموما وقطاعي العدالة والحكم المحلي خصوصا في تبني توجهات وخطط نحو ادماج قضايا واحتياجات النوع الاجتماعي ضمن أولوياتها على مستوى السياسات والبرامج.
وقد شارك في هذا المؤتمر خبراء وأكاديميين مختصين في حقول القانون والنوع الاجتماعي والتنمية ركزوا على قضية مهمة وهي كيف نوظف النوع الاجتماعي في سياق تحقيق التنمية المحلية؟ وكيف نوظفه كمدخل لتحقيق العدالة والمساواة؟ وما هي الامكانيات المتاحة والتحديات القائمة؟ كما يهدف المؤتمر من خلال الأوراق المقدمة إلى مناقشة سياسات دمج النوع الاجتماعي وهل حققت تلك السياسات غاياتها في إحداث التغيير المنشود؟ وهل مؤسساتنا لديها الإرادة وتملك الموارد والجاهزية لتبني مفهوم النوع الاجتماعي ثقافة وتطبيقا؟
تناول المؤتمر قضايا هامة ومحل جدل ونقاش واسع في المجتمع العربي عامة والمجتمع الفلسطيني خاصة، من خلال ثلاث جلسات رئيسية، وهي: الجلسة الأولى حول النوع الاجتماعي (مدى الانغلاق أم الانفتاح المجتمعى حول الفكرة) وعرض خلالها موضوعات النوع الاجتماعي والحاكمية "اعادة فهم وتحليل قيم الحاكمية ونصوص القانون من منظور النوع الاجتماعي"، ونظريات علم النفس والمرأة "أثرها على تمكين المرأة من خلال فهم الخصوصيات والاحتياجات"، ومؤشرات قياس النوع الاجتماعي والعنف في خدمة سياسات التنمية والعدالة. والجلسة الثانية حول النوع الاجتماعي والقانون مدخل إلى العدالة (تناغم ام تناقض وإلى أين وصل العنف على أساس النوع والإخلال بمبدأ المساواة) وعرض خلالها موضوعات العنف المبني على النوع الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني (أسبابه، وأدوات تحليله)، والنوع الاجتماعي ومنظومة التشريعات الجزائية (العنف بحكم القانون)، والقانون الانتخابي وتطبيق الكوتا (تجربة الانتخابات المحلية الجديدة، تقدم أم تراجع). والجلسة الثالثة حول تجارب دمج النوع الاجتماعي في الواقع الفلسطيني لتحقيق التنمية المنشودة (مدى الجاهزية والتحديات) وعرض فيها تجارب النوع الاجتماعي في القضاء الشرعي والحكم المحلي والمرأة وفي وحدات حماية الأسرة في الشرطة.
وقد شارك في المؤتمر حشد من ممثلي المؤسسات الرسمية والنسوية والحقوقية والقانونية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى إضافة إلى أساتذة الجامعة وطلبتها. هذا وقد أعرب المشاركين والمشاركات في المؤتمر عن موقفهم الداعم والمساند لصمود اهلنا في قطاع غزة واستنكارهم لعدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل والذي خلف مئات الضحايا الأبرياء من الشهداء والجرحى من بينهم الكثير من النساء والأطفال.