الرئيسية لقاءات بيرزيت القانونية هيئة الجنايات الكبرى في قطاع غزة: الإشكاليات والواقع

هيئة الجنايات الكبرى في قطاع غزة: الإشكاليات والواقع

عقد معهد الحقوق في جامعة بيرزيت يوم الاربعاء الموافق 15 حزيران 2022، لقاءً قانونياً بعنوان "هيئة الجنايات الكبرى في قطاع غزة: الإشكاليات والواقع"، تحدثت فيه الدكتورة سامية الغصين، أستاذ مساعد في القانون الدولي العام، بمشاركة عدد من المحامين والقانونيين والمهتمين.

 

افتتحت اللقاء الأستاذة لينا التونسي، منسقة اعمال المعهد في قطاع غزة، مرحبة بالمتحدثين والحضور ومعرفة ببرنامج لقاءات بيرزيت القانونية، في حين استهلت الدكتورة سامية الغصين اللقاء بالحديث حول اهتمام الدول المتقدمة الكبير بانشاء المحاكم المتخصصة والتوسع فيها، لما لها من دور فعال في تعزيز استقلال القضاء ووحدته وفعاليته، وتحقيق العدالة الناجزة والمتكاملة، وسرعة البت في القضايا التي كانت تستغرق مدد طويلة أمام القضاء، بما يؤخر حصول المواطنين على حقوقهم، أو يحرمهم منها أحيانًا.

 

ثم تناولت الغصين النصوص القانونية وفق القانون الفلسطيني لإنشاء المحاكم النظامية، حيث أشارت  أنه وفق قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لسنة2001م، فإن السلطة الممنوحة وفق مواد القانون المذكورة لمجلس القضاء الأعلى لإنشاء غرف أو هيئات متخصصة تمتد لمحاكم الصلح والاستئناف والمحكمة العليا فقط، ولم يمنح القانون سلطة إنشاء غرف أو هيئات متخصصة للمجلس في محاكم البداية سواء كان اختصاصها مدني أو جزائي، وحيث أنه لا اجتهاد في وجود النص الصريح الذي لا لبس فيه أو غموض، فانه لا يجوز لمجلس القضاء الأعلى استنادا لهذه النصوص الصريحة الواردة في قانون رقم (5) لسنة 2001م، إنشاء هيئات أو غرف متخصصة في محاكم البداية والتي يتحدد اختصاصها الجزائي بالنظر في الجنايات والجنح المرتبطة بها. وأضافت إلى أنه وفق أحكام المادة (10) من القرار بقانون رقم (39) لسنة 2020م بشأن تشكيل المحاكم النظامية: تنشأ في محكمة البداية غرفة قضائية للنظر في الدعاوى الحقوقية وغرفة قضائية أخرى للنظر في الدعاوى الجزائية، وتضم كل غرفة هيئة واحدة أو أكثر وفقاً لما يحدده رئيس محكمة البداية بحسب الحاجة، ولرئيس محكمة البداية إنشاء هيئة قضائية متخصصة ضمن كل من الغرفة الحقوقية أو الغرفة الجزائية، ضمن محكمة البداية ومحاكم الصلح التابعة لها، إذا كان حسن سير العمل القضائي يستدعى ذلك. بالإضافة إلى ما ورد في الفقرة (3) من هذه المادة؛ لرئيس مجلس القضاء الأعلى إنشاء غرف قضائية متخصصة أخرى ضمن محكمة البداية إذا كان سير العمل القضائي يستدعي ذلك، على أن يحدد الاختصاص النوعي والقيمي والمكاني لكل منها بموجب نظام.

 

ومن ثم انتقلت الغصين للحديث عن محكمة الجنايات الكبرى في الضفة الغربية؛ حيث صدر المرسوم الرئاسي رقم (20) لسنة 2007م، بانشاء محكمة جنايات كبرى والذي تم الغاءه من المجلس التشريعي آنذاك لعدم الحاجة الي محكمة جنايات كبرى، ولمخالفته قانون تشكيل المحاكم النظامية، و من ثم صدر قرار بقانون رقم (24) لسنة 2017م ، وقرار بقانون رقم (9) لسنة 2018م بشأن محكمة الجنايات الكبرى، وقرار بقانون رقم (14) لسنة 2019م بإلغاء القرار بقانون رقم (9) لسنة 2018م بشأن محكمة الجنايات الكبرى، مبينة أن سبب المعارضة الشديدة التي واجهها قرار انشاء محكمة جنايات كبرى في الضفة الغربية تعود لعدة أسباب من أهمها: تشكيل محكمة الجنايات الكبرى بقرار بقانون مخالف لأحكام القانون الفلسطيني الأساسي وتحديدًا المادة (97) منه، بالإضافة  إلى انتهاك القرار بقانون العديد من ضمانات المحاكمة العادلة التي يفترض توفرها للمتهمين سواء في القانون الوطني الفلسطيني، أو وفق الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها دولة فلسطين.

 

 ثم تطرقت الغصين إلى تشكيل هيئة الجنايات الكبرى في قطاع غزة، حيث أشارت أنهفي يناير 2022م، تم تشكيل هيئة جنايات كبرى متخصصة في محاكم البداية في قطاع غزة بقرار من رئيس المجلس الاعلى للقضاء، وذلك للنظر في الجنايات الكبرى، ولإعطاء أولوية للنظر في قضايا الجنايات والجرائم الخطرة التي شهدها القطاع في السنوات الأخيرة، وتختص الهيئة بالنظر في جرائم القتل، وجرائم المخدرات (الجلب والإتجار)، وجرائم الفساد (الموظفين). وأضافت أن تشكيل هيئة الجنايات الكبرى المنشأة حديثًا في قطاع غزة والتابعة لمحكمة بداية غزة، يتعارض بشكل واضح ومباشر مع أحكام المواد (10، 21، 28) من قانون تشكيل المحاكم النظامية الساري المفعول في قطاع غزة رقم (5) لسنة 2001م، حيث أنه لم يمنح القانون المجلس الأعلى للقضاء أية صلاحية أو سلطة لإنشاء هيئة أو غرفة مختصة بالجنايات الكبرى في محاكم البداية، أو أي اختصاص يدخل في نطاق اختصاص محكمة البداية سواء كان اختصاص مدني أو جزائي.

كما تناولت الغصين طبيعة الأحكام الصادرة عن هيئة الجنايات الكبرى في قطاع غزة، مشيرة إلى أنه في محاكمة سريعة لم تستغرق أكثر من شهر ونصف، أصدرت هيئة الجنايات الكبرى بالإجماع عدة أحكام بالإعدام شنقاً حتى الموت، منوهة في ذات الوقت إلى أن اصدار أحكام بالإعدام خلال فترة زمنية قصيرة أمر يثير القلق، بمدى مراعاة الهيئة لضمانات المحاكمات العادلة واستيفاء المتهمين للمدد القانونية للتمكن من الدفاع عن أنفسهم من التهم المنسوبة لهم، خاصة في ظل توقيع عقوبة شديدة الخطورة مثل عقوبة الإعدام.

 

في ختام اللقاء تم فتح باب النقاش الذي تخلله العديد من المداخلات والتوصيات، ومن أهمها: تشكيل هيئة جنايات كبرى في قطاع غزة يتطلب وجود قضاة متخصصين بالقضاء الجنائي وعلى علم ودراية وافية بالشق الموضوعي والاجرائي للقوانين الجزائية الوطنية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية لا سيما الموقعة والمنضمة لها دولة فلسطين، وهو أمر غير متوفر حاليًا، كما يتوجب على دولة فلسطين الوفاء بالتزاماتها الدولية والغاء توقيع عقوبة الإعدام عن كافة الجرائم الواردة في القوانين الفلسطينية الداخلية، وإجراء التعديلات التشريعية المطلوبة لتحقيق ذلك دون ابطاء.